404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة

شرح الحديث القدسي / أن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه

شرح أبو عبد الرحمن عصام الدين الصبابطى

شرح – الحديث – القدسي - أن – أول – الناس – يقضى – يوم – القيامة - عليه

شرح الحديث القدسي / أن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ : «إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيامَةِ عليه رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لأَنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ، ورَجُلٌ وسَّعَ اللَّهُ عليه، وأَعْطاهُ مِن أصْنافِ المالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فيها إلَّا أنْفَقْتُ فيها لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ: هو جَوادٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ في النَّارِ» رواه مسلم.

 
المفردات:

يقضى عليه: يحاكم ويحاسب.

استشهد: نال الشهادة فيما يبدو للناس أنه قُتل في سبيل الله.

جــريء: شجاع.

سحــب: جر مبطوحًا على بطنه ووجه بعنف وشدة إهانة له.

القــي: قذف ورمي في النار.

أصناف المال: أنـواعـه.

جـــواد: سخي كريم.


المعنى الإجمالي:

إن في مصير هؤلاء الثلاثة الأشقياء لعبرة وذكرى لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد. ما بالهم وما الذي دهاهم. اليس الجهاد في سبيل الله أفضل الأعمال؟ اليس هو ذروة سنام الإسلام؟ اليس للمجاهد في سبيل الله مائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض؟ اليس الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ويسرحون في الجنة حيث شاءوا؟

 

أليس العلماء ورثة الأنبياء؟ ألم يقل الله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١].

وهذا المتصدق المحسن الذي لا يترك سبيلًا يحبها الله إلا أنفق فيها أليس الله يثيب على الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؟ خصوصًا إذا كان البذل في سبيل الله، ألم يحث ربنا على البذل والإنفاق في سبيله؟


فما الذي أصابهم وجعلهم أول من يقضى عليه ويقذف به في نار جنهم -أعاذنا الله من هذا المصير- لقد بين رسول الله سبب مصيرهم هذا وهو أنهم لم يخلصوا لله في هذه الأعمال التي تبدو للناس أنها عظمية، ولم يريدوا بها وجه الله. بل كانت مقاصدهم سيئة وأغراضهم فاسدة هو حب الثناء من الناس والمدح والإطراء.

فلم يرد ذلك المجاهد وجه الله ولا إعلاء كلمة الله إنما أراد بذلك نفسه وأحب أن يعلو صيته ويشتهر بين الناس بالبطولة والشجاعة والإقدام وقد حصل ذلك فكان جزاؤه في الدنيا، أما في الآخرة فكان جزاؤه أن يفضح وتكشف سريرته ثم يقذف في النار.


وأما العالم فلم يطلب العلم لله ليتفقه في دينه ويعلم ما يجب لله ولكتابه ولرسوله وللناس فيؤديه، ولم يعلم الناس لوجه الله يرجو ثواب نشر العلم والدعوة إلى الله إنما ليقال فلان عالم وفلان علامة الزمان وحافظ الوقت وقارئ الأمة فكان جزاؤه أن تفضح نواياه ويهتك ستره يوم القيامة جزاء سوء قصده ثم يلقى في النار.


وأما صاحب المال فلم يشكر الله الذي أسبغ عليه تلك النعم ولم يكن من الذين قال فيه: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٤-٢٥].

ولم يدرك أن المال مال الله استخلفه فيه لينظر كيف يعمل، لذلك فهو لا يريد بما ينفقه وجه الله ولا يعرف طريقًا إلى الإخلاص لوجه الله إنما يريد أن يتغنى الناس بمجده ويلهج الشعراء بمدحه وأن يطير في الناس أخبار وجوده وخسائه فكان له ذلك ونال ما قصده في الحياة الدنيا، وأما الآخرة التي لم يردها فإن جزاءه فيها أن الحساب الدقيق والجزاء العادل والملائكة الغلاظ الشداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون تنتظره ليسحب على وجهه ثم يقذف في النار.


وإن في هذا لعبرة عظيمة وعظة بالغة للمجاهدين والعلماء والأثرياء المنفقين علّهم يتعظون فيخلصون أعمالهم لله فيظفرون بوعد الله وينجون من عقاب الله النازل بالمرائين والمنافقين.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

مواضيع ذات صلة

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف22:13

    شكر وتقدير على هذا الموضوع القيم المفيد النافع .....

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظة 2013-2017 ل فذكر
تصميم : مستر ابوعلى