الأربعين النووية
شرح العلامة الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله بن باز
شرح
حديث/ من رأى منكم منكرا فليغيره بيده - الأربعين النوويةالحديث الرابع والثلاثون: تغيير المنكر فريضة.
عَنْ
أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: «مِنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلِيُغَيِّرهُ بِيَدِهِ،
فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنَّ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ
وَذَلِكَ أَضْعَفُ اَلْإِيمَانِ» رواه مسلم.
الشرح:
الحديث
الرابع والثلاثون: عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعتُ
رِسُولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: «مِنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلِيُغَيِّرهُ بِيَدِهِ،
فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنَّ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ
وَذَلِكَ أَضْعَفُ اَلْإِيمَانِ»، فالْأَوَّل بِالْيد إِذَا اِسْتطَاع،
كَصاحِب البيْتِ، وأهْل الحسْبة الَّذين عَينُوا لِهَذا الأمْر، والْأمراء، ونحْو
ذَلِك مِمَّن لَه سُلطَة، عَليهِم أن ينْكروا اَلمُنكر بِالْيد؛ أنَّ يُتْلفوا
اَلخُمور إِذَا وَجَدوهَا، يُنْكروا على من ضَيَّع الصَّلَاة بِإلْزامه بِالصَّلاة،
وتأْديبه على تَخلفِه، وغيْر هذَا مِمَّا يسْتطيعون مِن إِزالة اَلمُنكر.
فَمِن
عَجْز فباللِّسان، فَإذَا رأى مِن أخيه مُنْكرًا يُنْكِر عليْه، يَقُول: يَا أَخِي،
هذَا لَا يَجُوز، الواجب عليْك تَقوَى اَللَّه، الواجب عليْك كذَا وَكذَا، إِذَا
رأى مِنْه تخلُّفًا عن الصَّلوات أَنكَر عليْه، إِذَا رآه يَشتَم ويلْعن أَنكَر عليْه،
إِذَا رآه يَعُق والدَيْه، أو يَقطَع أرْحامه أَنكَر عليْه بِالْحكْمة والْكلام
الطَّيِّب والتَّوْجيه إِلى الخيْر، إِذَا رآه يَتَعامَل بِالرِّبَا أَنكَر عليْه
وحذَّره، إِذَا رآه سُبُل مَلابِسه وَيَجرهَا أُنْكِر عليْه، إِذَا رآه يُحلِّق
لِحْيته أَنكَر عليْه، وهكذَا كُلُّ مَا رآه مُنْكرًا حَاسِب صَاحبِه، وأنْكر
عليْه بِالْحكْمة والْكلام الطَّيِّب والتَّوْجيه الحسن يَرجُو ثَوَاب اَللَّه،
ويخْشى عذابه.
والْواجب
على المُنْكَرِ عليْه السَّمْع والطَّاعة، والدُّعاء لَمِن أَنكَر عليْه، وشكره
على تنْبيهه، والدُّعاء لَه بِالْخَيْر، ولَا يَأنَف ولَا يَتَكبَّر، قال اَللَّه
جلَّ وَعلَا فِي وَصْف المتكبِّرين: {وَإِذَا قِيلَ
لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ
وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقَرة: ٢٠٦].
فَإذَا
عجز عن الإنْكار بِالْيد واللِّسان، أَنكَر بِقلْبه، يَكرَه المنكَرَ بِقلْبه،
يَتَغيَّر وَجهُه، ويفارق المنكَرَ، وقد ثبتَ عن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِي
اَللَّه عَنْه، أنَّ اَلنبِي ﷺ
قال: «إنَّ النَّاسَ إذا رأَوُا المنْكرَ فلم
يغيِّروهُ، أوشَكَ أن يعمَّهم اللَّهُ بعقابِه».
فَيجِب
الحذر مِن هَذِه العقوبات، وَيجِب التَّواصي والتَّعاون فِي إِنكَار اَلمُنكر،
والْأَمْر بِالْمعْروف فِي كُلِّ قَريَة، وَفِي كُلِّ مَدِينَة، وَفِي كُلِّ قَبِيلَة،
وَمتَى تَواصَى النَّاس بِهَذا الخيْر وتعاونوا عليْه قلَّ اَلشَّر فِي بِلادِهم،
وانْتَشر الخيْر، وَصُلح المجْتمع، وَصَار ذَلِك مِن أَعظَم أَسبَاب السَّلامة مِن
عُقُوبَة اَللَّه -عزَّ وجلَّ-. رِزْق اَللَّه اَلجمِيع التَّوْفيق والْهداية.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح
الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق