باب
حُسن الخُلق
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح
حديث / سئل رسول الله عن أكثر ما يدخل الناس الجنة
أحاديث
رياض الصالحين: باب حُسن الخُلق
٦٣٢
- وعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- قَالَ: سُئِلَ رسولُ اللَّه ﷺ عَنْ أَكثرِ مَا
يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ؟ قَالَ: «تَقْوى اللَّهِ
وَحُسْنُ الخُلُق» وَسُئِلَ عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ
فَقَالَ: «الفَمُ وَالفَرْجُ».
رواه
الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
٦٣٣
- وعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: «أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا،
وخيارُكُم خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهمْ».
رواه
الترمذي وَقالَ: حديث حسن صحيح.
الشَّرْحُ:
هذه
الأحاديث في بيان فضل حسن الخلق، ذكرها النووي -رحمه الله- في رياض الصالحين في
باب حسن الخلق، ومنها: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ سئل: ما أكثر ما يدخل
الجنة؟ يعني: ما هو الشيء الذي يكون سببًا لدخول الجنة كثيرًا؟ فقال: «تقوى الله وحسن الخلق».
تقوى
الله تعالى، وهذه كلمة جامعة لفعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه هذه هي
التقوى، أن تفعل ما أمرك الله به وأن تدع ما نهاك عنه؛ لأن التقوى مأخوذة من
الوقاية، وهي أن يتخذ الإنسان ما يقيه من عذاب الله، ولا شيء يقي من عذاب الله إلا
فعل الأوامر واجتناب النواهي.
وأكثر
ما يدخل الناس النار الفم والفرج، الفم يعني بذلك: قول اللسان فإن الإنسان قد يقول
كلمة لا يُلقي لها بالًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا، -والعياذ بالله- أي:
سبعين سنة، ولهذا قال النبي ﷺ
لمعاذ بن جبل: «أفلا أخبرك بملاك ذلك كله؟»
قلت:
بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه وقال: «كف عليك
هذا» قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ يعني: هل نؤاخذ
بالكلام؟ قال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في
النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد السنتهم». ولما كان عمل اللسان سهلًا صار
إطلاقه سهلًا؛ لأن الكلام لا يتعب به الإنسان، ليس كعمل اليد، وعمل الرجل، وعمل
العين يتعب فيه الإنسان. فعلم اللسان لا يتعب في الإنسان، فتجده يتكلم كثيرًا
بأشياء تضره؛ كالغيبة، والنميمة، واللعن، والسب، والشتم، وهو لا يشعر بذلك، فيكتسب
بهذا آثامًا كثيرة.
أما
الفرج: فالمراد به الزنا، وأخبث منه اللواط، فإن ذلك أيضًا تدعو النفس إليه كثيرًا
-ولا سيما من الشباب- فتهوي بالإنسان وتدرِّجه حتى يقع في الفاحشة وهو لا يعلم.
ولهذا
سدَّ النبي ﷺ
كل باب يكون سببًا لهذه الفاحشة، فمنع من خلو الرجل بالمرأة، ومنع المرأة من كشف
وجهها أمام الرجال الأجانب، ونهى المرأة أن تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض،
إلى غير ذلك من السياج المنيع الذي جعله النبي ﷺ حائلًا دون فعل هذه
الفاحشة، لأن هذه الفاحشة تدعو إليها النفس، فهذا أكثر ما يدخل الناس النار: أعمال
اللسان وأعمال الفرج، نسأل الله الحماية.
ثم
ذكر أيضًا: من فضائل حسن الخلق أن أحسن الناس أخلاقًا هم أكمل الناس إيمانًا، قال
النبي ﷺ:
«أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا» وفي هذا
دليلٌ على أن الإيمان يتفاوت، وأن الناس يختلفون فيه، فبعضهم في الإيمان أكمل من
بعض بناء على الأعمال، وكلما كان الإنسان أحسن خلقًا كان أكمل إيمانًا، وهذا حثٌ
واضحٌ على أن الإنسان ينبغي له أن يكون حسن الخلق بقدر ما يستطيع. قال: «وخياركم خياركم لنسائهم» المراد خيركم، خيركم لأهله
كما جاء ذلك في السنن أن النبي ﷺ
قال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»
فينبغي للإنسان أن يكون مع أهله خير صاحب وخير محب وخير مُربًّ؛ لأن الأهل أحق
بحسن خلقك من غيرهم. أبدا بالأقرب فالأقرب.
على
العكس من ذلك حال بعض الناس اليوم وقبل اليوم؛ تجده مع الناس حسن الخلق، لكن مع
أهله سيئ الخلق -والعياذ بالله- وهذا خلاف هدي النبي ﷺ، والصواب أن تكون مع
أهلك حسن الخلق ومع غيرهم أيضًا، لكن هم أولى بحسن الخلق من غيرهم.
ولهذا
لما سئلت عائشة: ماذا كان النبي ﷺ
يصنع في بيته؟ قالت: كان في مهنة أهله. أي: يساعدهم على مهمات البيت، حتى إنه ﷺ كان يحلب الشاة لأهله،
ويخصف نعله، ويرقع ثوبه، وهكذا ينبغي للإنسان مع أهله أن يكون من خير الأصحاب لهم.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات
النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
ردحذفبارك الله فى الكاتب الله يجمعنا في الجنه