404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة

شرح حديث (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) فذكر

باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

شرح - حديث - (لو - أن - فاطمة - بنت - مُحمدٍ - سرقت - لقطعتُ - يدها -) - فذكر

شرح حديث / لو أن فاطمة بنت مُحمدٍ سرقت لقطعتُ يدها


أحاديث رياض الصالحين: باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

 

٦٥٥ - وعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنها- قَالَتْ: قدِمَ رَسُول اللَّه  مِنْ سفَرٍ، وقَد سَتَرْتُ سَهْوةً لِي بقِرامٍ فَيهِ تَمَاثيلُ، فَلمَّا رآهُ رسُولُ اللَّه  هتكَهُ وتَلَوَّنَ وجهُهُ وقَالَ: «يَا عائِشَةُ: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيامةِ الَّذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

«السَّهْوَةُ»: كالصُّفَّة تكُونُ بَيْنَ يدي البيت. «القِرَامُ»: بكسْرِ القَافِ ستر رقيق. و«هتكه»: أفسد الصورة التي فيه.

 

٦٥٦ - وعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنها- أَنَّ قرَيشًا أَهَمَّهُم شَأْنُ المَرأةِ المَخزُومِيَّة الَّتي سَرقَتْ فَقَالُوا: منْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّه ؟ فَقَالُوا: مَن يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ، حِبُّ رسولِ اللَّهِ ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «أَتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالى؟» ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهمْ كَانُوا إِذا سَرَقَ فِيهم الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» متفقٌ عليه.

 

الشرح:

نقل المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه (رياض الصالحين) في باب الغضب إذا انتهك شرع الله -وسبق لنا الكلام على الآيات التي صدر بها المؤلف هذا الباب، وأما الأحاديث فمنها:

حديث عائشة -رضي الله عنها- والأول أن النبي قدم من سفر فوجدها قد سترت سهوةً لها بقرامٍ فيه تماثيل، يعني: فيه صورة، فهتكه النبي ، وأخبر «أن أشد الناس عذابًا الذين يضاهون بخلق الله» يعني: المصورين، فهم أشد الناس عذابًا، لأنهم أرادوا أن يضاهوا الله -سبحانه وتعالى- في خلقه، وفي تصويره.

 

وكانوا فيما سبق يصورون باليد؛ لأنه ليس عندهم آلات وأجهزة تلتقط الصور دون عمل يدوي، فكانوا يخططون بأيديهم، فيأتي الحاذق منهم ويصور صورة بيده على أنها كالذي صوره ويتقنها لتشابه صورة الله، ليُقال: ما أشد مهارة هذا الرجل، وما أعرفه، كيف استطاع أن يقلد خلق الله -عزّ وجلَّ؟

فهم يريدون بذلك أن يشاركون الله -سبحانه وتعالى- في تصويره، وهو -سبحانه وتعالى- لا شريك له: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: ٦]، {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: ٦٤].

 

فهتكه يعني: مزقه -عليه الصلاة والسلام- وفي هذا دليلٌ على مشروعية تمزيق الصور التي تصور باليد؛ لأنه يضاهي بها خلق الله -عزّ وجلّ- وإقرار المنكر كفعل المنكر، وفيه الغضب إلذا انتهكت حرمات الله -عزّ وجلّ- لأن النبي غضب وهتكه.

 

وأما في الحديث الثاني: عن عائشة -رضي الله عنها- في قصة المخزومية وهي امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده، يعني: تأتي للناس تقول: أعرني قدرًا، أعرني إناءً، أعرني كذا، فإذا أعاروها جحدت وقالت: لم آخذ منكم شيئا، فأمر النبي أن تقطع يدها؛ لأن هذا نوع من السرقة.

وكانت هذه المرأة من بني مخزوم، من قبيلة من أشرف قبائل العرب ذات الأهمية والشأن، فأهم قريشًا شأنُها، وقالوا: كيف تُقطع يد مخزومية، ثم طلبوا شفيعًا إلى رسول الله فقالوا: أسامة بن زيد حِب رسول الله ، حِبّه يعني: محبوبه، يعني: أنه يحبه.

 

وأسامة هو ابن زيد بن حارثة، وزيد بن حارثة كان عبدًا وهبته خديجة للنبي فأعتقه، وأسامة أبنه، وكان النبي يحبهما، وقالوا: ليس إلا أسامة بن زيد، فتقدم أسامة بن زيد -رضي الله عنه- إلى النبي ليشفع، فأنكر عليه وقال: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟».

 

ثم قام فأختطب، فخطب الناس وقال لهم -عليه الصلاة والسلام-: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله يعني: -أقسم بالله- لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».

والشاهد من هذا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- غضب لشفاعة أسامة بن زيد في حدّ من حدود الله، فالغضب لله -عزّ وجلّ- محمود، وأما الغضب للانتقام وحظ النفس فإنه مذموم، وقد نهى عنه النبي حين طلب أحد الصحابة أن يوصيه، فقال: «لا تغضب»، قال: أوصني، قال: «لا تغضب»، قال: أوصني، قال: «لا تغضب» فالفرق بين الغضبين ظاهر.

 

الغضب لله ولشرائع الله محمود، وهو من هدي الرسول ، ودليل على غيرة الإنسان وعلى محبته لإقامة شريعة الله، أما الغضب للنفس فينبغي للإنسان أن يكتمه وأن يحلم، وإذا أصابه الغضب فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان قائمًا فليجلس، وإن كان جالسًا فليضطجع كل هذا مما يخفف عنه الغضب، والله الموفق.

الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

مواضيع ذات صلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013-2017 ل فذكر
تصميم : مستر ابوعلى