باب
الأمر بأداء الأمانة
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح
حديث / آية المنافق ثلاث
أحاديث رياض الصالحين:
باب الأمر بأداء الأمانة
٢٠٤ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
- رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاث: إِذَا حَدَّثَ كَذِبَ، وَإِذَا
وَعْدٍ أَخَلْفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانُ» متفقٌ عليه [١].
وفي رواية: «وَإِنَّ صَامَ وَصَلَّى وَزَعْمَ انهُ مُسْلِمٌ» [٢].
الشرح
الشرح
الآية
يعني: العلامة، كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ
لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} [الشعراء: ١٩٧]،
يعني: أو لم يكن لهم علامة على صدق ما جاء به النبي ﷺ، وصحة شريعته،
وأن هذا القرآن حق: {أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي
إِسْرائيلَ} ويعلمون انه هو الذي بشّر به عيسى - عليه الصلاة والسلام -
وكذلك قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ
فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يّـس: ٤١]، آية يعنى: علامة. فعلامة المنافق
ثلاث.
والمنافق هو: الذي يسرٌ الشر ويظهر الخير. ومن ذلك: أن يسر الكفر ويظهر الإسلام. وأصله مأخوذ من نافقاء اليربوع. اليربوع - الذي نسميه الجربوع - يحفر له جحرًا في الأرض ويفتح له بابًا ثم يحفر في أقصى الجُحر خرقًا للخروج، لكنه خرق خفي لا يعلم به، بحيث إذا حجره أحد من عند الباب، ضرب هذا الخرق الذي في الأسفل برأسه ثم هرب منه. فالمنافق يظهر الخير ويبطن الشر، يظهر الخير ويبطن الكفر.
وقد برز النفاق في عهد النبي ﷺ بعد غزوة بدر، لما قُتل صناديد قريش في بدر، وصارت الغلبة للمسلمين، ظهر النفاق، فأظهر هؤلاء المنافقون أنهم مسلمون وهم كفار، كما قال الله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: ١٤]، وقال الله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: ١٥]، وقال عنهم أيضًا: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه} يؤكد كلامهم بالشهادة، و"بأن" و" اللام" فقال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١].
فشهد شهادة اقوى منها بأنهم لكاذبون في قولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} في أن محمدًا رسول الله، ولهذا استدرك فقال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}.
والمنافق له علامات، يعرها الذي أعطاه الله تعالى فراسة ونورًا في قلبه، يعرف المنافق من تتبع أحواله.
وهناك علامات ظاهرة لا تحتاج إلى فراسة؛ منها هذه الثلاث التي بينها النبي ﷺ: «إذا حدث كذب» يقول مثلًا: فلأن فعل كذا وكذا، فإذا بحثت وجدته كذب، وهذا الشخص لم يفعل شيئًا، فإذا رأيت الإنسان يكذب؛ فاعمل أن في قلبه شعبة من النفاق.
الثاني: «إذا وعد أخلف» يعدك ولكن يخلف، يقول لك مثلًا: سآتي إليك في الساعة السابعة صباحًا ولكن لا يأتي، أو يقول: سآتي إليك غدًا بعد صلاة الظهر ولكن لا يأتي. يقول: أعطيك كذا وكذا، ولا يعطيك، فهو كما قال النبي ﷺ: «إذا وعد أخلف»، والمؤمن إذا وعد وفي، كما قال الله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧]، لكن المنافق يعدك ويغرك، فإذا وجدت الرجل يغدر كثيرًا بما يعد، ولا يفي، فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق والعياذ بالله.
الثالث: «إذا اؤتمن خان» وهذا الشاهد من هذا الحديث للباب.
والمنافق هو: الذي يسرٌ الشر ويظهر الخير. ومن ذلك: أن يسر الكفر ويظهر الإسلام. وأصله مأخوذ من نافقاء اليربوع. اليربوع - الذي نسميه الجربوع - يحفر له جحرًا في الأرض ويفتح له بابًا ثم يحفر في أقصى الجُحر خرقًا للخروج، لكنه خرق خفي لا يعلم به، بحيث إذا حجره أحد من عند الباب، ضرب هذا الخرق الذي في الأسفل برأسه ثم هرب منه. فالمنافق يظهر الخير ويبطن الشر، يظهر الخير ويبطن الكفر.
وقد برز النفاق في عهد النبي ﷺ بعد غزوة بدر، لما قُتل صناديد قريش في بدر، وصارت الغلبة للمسلمين، ظهر النفاق، فأظهر هؤلاء المنافقون أنهم مسلمون وهم كفار، كما قال الله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: ١٤]، وقال الله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: ١٥]، وقال عنهم أيضًا: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه} يؤكد كلامهم بالشهادة، و"بأن" و" اللام" فقال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١].
فشهد شهادة اقوى منها بأنهم لكاذبون في قولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} في أن محمدًا رسول الله، ولهذا استدرك فقال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}.
والمنافق له علامات، يعرها الذي أعطاه الله تعالى فراسة ونورًا في قلبه، يعرف المنافق من تتبع أحواله.
وهناك علامات ظاهرة لا تحتاج إلى فراسة؛ منها هذه الثلاث التي بينها النبي ﷺ: «إذا حدث كذب» يقول مثلًا: فلأن فعل كذا وكذا، فإذا بحثت وجدته كذب، وهذا الشخص لم يفعل شيئًا، فإذا رأيت الإنسان يكذب؛ فاعمل أن في قلبه شعبة من النفاق.
الثاني: «إذا وعد أخلف» يعدك ولكن يخلف، يقول لك مثلًا: سآتي إليك في الساعة السابعة صباحًا ولكن لا يأتي، أو يقول: سآتي إليك غدًا بعد صلاة الظهر ولكن لا يأتي. يقول: أعطيك كذا وكذا، ولا يعطيك، فهو كما قال النبي ﷺ: «إذا وعد أخلف»، والمؤمن إذا وعد وفي، كما قال الله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧]، لكن المنافق يعدك ويغرك، فإذا وجدت الرجل يغدر كثيرًا بما يعد، ولا يفي، فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق والعياذ بالله.
الثالث: «إذا اؤتمن خان» وهذا الشاهد من هذا الحديث للباب.
فالمنافق
إذا ائتمنته على مال خانك، وإذا ائتمنته على سر بينك وبينه خانك، وإذا ائتمنته على
أهلك خانك، وإذا ائتمنته على بيع أو شراء خانك. كلما ائتمنته على شيء يخونك -
والعياذ بالله - يدلّ ذلك على أن في قلبه شعبة من النفاق. وأخبر النبي ﷺ بهذا الخبر لأمرين:
الأمر الأول: أن نحذر من هذه الصفات الذميمة؛ لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي مؤديًا إلى نفاق في الاعتقاد - والعياذ بالله - فيكون الإنسان منافقًا نفاقًا اعتقاديًا فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر فأخبرنا الرسول - عليه الصلاة والسلام - لنحذر من ذلك.
الأمر الثاني: لنحذر من يتصف بهذه الصفات، ونعلم أنه منافق يخدعنا ويلعب بنا، ويغرنا بحلاوة لفظه وحسن قوله، فلا نثق به ولا نعتمد عليه في شيء؛ لأنه منافق - والعياذ بالله - وعكس ذلك يكون من علامات الإيمان.
الأمر الأول: أن نحذر من هذه الصفات الذميمة؛ لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي مؤديًا إلى نفاق في الاعتقاد - والعياذ بالله - فيكون الإنسان منافقًا نفاقًا اعتقاديًا فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر فأخبرنا الرسول - عليه الصلاة والسلام - لنحذر من ذلك.
الأمر الثاني: لنحذر من يتصف بهذه الصفات، ونعلم أنه منافق يخدعنا ويلعب بنا، ويغرنا بحلاوة لفظه وحسن قوله، فلا نثق به ولا نعتمد عليه في شيء؛ لأنه منافق - والعياذ بالله - وعكس ذلك يكون من علامات الإيمان.
فالمؤمن:
إذا وعد أوفى، والمؤمن: إذا ائتمن أدى الامانة على وجهها، وكذلك إذا حدّث كان
صادقًا في حديثه مخبرًا بما هو الواقع فعلًا.
ومن الأسف فإن قومًا من السفهاء عندنا إذا وعدته بوعد يقول: (وعد انجليزي أم وعد عربي) يعني: أن الإنجليز هم الذين يوفون بالوعد، فهذا بلا شك سفه وغرور بهؤلاء الكفرة، والإنجليز فيهم مسلمون ومؤمنون ولكن جملتهم كفار، ووفاؤهم بالوعد لا يبتغون به وجه الله، لكن يبتغون به أن يحسنوا صورتهم عند الناس ليغتر الناس بهم.
والمؤمن في الحقيقة: هو الذي يفي تمامًا فيمن أوفي بالوعد؛ فهو مؤمن، ومن أخلف الوعد؛ كان فيه من خصال النفاق.
ومن الأسف فإن قومًا من السفهاء عندنا إذا وعدته بوعد يقول: (وعد انجليزي أم وعد عربي) يعني: أن الإنجليز هم الذين يوفون بالوعد، فهذا بلا شك سفه وغرور بهؤلاء الكفرة، والإنجليز فيهم مسلمون ومؤمنون ولكن جملتهم كفار، ووفاؤهم بالوعد لا يبتغون به وجه الله، لكن يبتغون به أن يحسنوا صورتهم عند الناس ليغتر الناس بهم.
والمؤمن في الحقيقة: هو الذي يفي تمامًا فيمن أوفي بالوعد؛ فهو مؤمن، ومن أخلف الوعد؛ كان فيه من خصال النفاق.
نسأل
الله أن يعيذنا وإياكم من النفاق العملي والعقدي، أنه جواد كريمٌ.
الحمد لله رب العالمين
[١] أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، رقم: (٣٣)،
ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، رقم: (٥٩).
[٢]
أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، رقم: (٥٩).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق