باب
القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة
الدرر السنية
أحاديث
رياض الصالحين: باب القناعة والعفاف والاقتصاد
٥٣٠ - وعن
أَبي بُردَةَ، عن أَبي موسى الأشعَريِّ -رضي اللّه عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ
رَسُول اللَّهِ ﷺ
في غَزوَةٍ، ونَحْن سِتَّةُ نَفَرٍ، بيْنَنَا بَعِير نَعْتَقِبهُ، فَنَقِبتْ
أَقدامُنا، وَنَقِبَتْ قَدَمِي، وَسَقَطَتْ أَظْفاري، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلي
أَرْجُلِنا الخِرَقَ، فَسُمِّيت غَزوَةَ ذَاتِ الرِّقاعِ؛ لِما كُنَّا نَعْصِبُ
عَلي أَرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ.
قالَ
أَبو بُردَةَ: فَحَدَّثَ أَبو مُوسَى بِهَذا الحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِهَ ذلكَ، وقالَ:
مَا كنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرهُ، قالَ: كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ
شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
الشرح:
هذا
الحديثُ يُظهِر ما كان عليه المسلمون مِن ضَعْفِ العُدَّةِ والعَتَادِ؛ فلم
يَنْتَصِروا على عدوِّهم بعَددٍ ولا عُدَّةٍ، وإنَّما انتَصروا بإيمانٍ استقرَّ في
قلوبهم.
ويُخبِر
أبو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ -رضِي اللهُ عنه- بأنَّهم خَرَجوا مع النبيِّ ﷺ في إحدَى الغزواتِ وهم
سِتَّةُ نَفَرٍ، والنَّفَرُ: العَدَدُ دونَ العَشَرة، وبَيْنَهم بَعِيرٌ
يَعْتَقِبونَه، أي: يَركبه كلُّ واحدٍ منهم نَوْبَةً، فنَقِبَتْ أقدامُهم مِن
كثرةِ المَشْيِ، أي: جُرِحَتْ مِن الحَفَاءِ، وسَقَطت أَظْفارُه من ذلك؛ ولذلك
كانوا يَلُفُّونَ على أَرجُلِهم الخِرَقَ حمايةً لها، ولذلك سُمِّيَتْ هذه
الغزوةُ: غزوةَ ذاتِ الرِّقَاعِ.
وقد
أَخْبَر أبو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ -رضِي اللهُ عنه- بهذا، ثُمَّ كَرِه ذلك، وقال:
ما كنتُ أَصْنَعُ بأنْ أَذكُرَه؟ كأنَّه كَرِه أن يكونَ شيءٌ مِن عملِه أَفْشَاه،
أي: أَظْهَره؛ لأنَّ كِتمانَ العملِ أفضلُ مِن إظهارِه إلَّا لِمَصْلَحَةٍ راجحةٍ
تَقْتضِي ذلك، كمَن يكونُ مِمَّنْ يُقْتَدَى به.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق