كتاب
عيادة المريض: باب فضل من مات له أولاد صغار
شرح
العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
شرح
حديث / لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد
أحاديث
رياض الصالحين: كتاب عيادة المريض: باب فضل من مات له أولاد صغار
٩٥٩
- وعن أنسٍ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَال رَسولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ مُسلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثلاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا
الحِنْثَ إِلَّا أدخلَهُ اللَّهُ الجنَّةَ بِفَضْل رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ»
متفقٌ عَلَيْهِ.
٩٦٠
- وعن أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا يَمُوتُ لأِحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلاثةٌ مِنَ
الوَلَدِ لا تمَسُّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَم» متفقٌ عليه.
«وتَحِلَّةَ
القَسَم» قول الله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا
وَارِدُهَا} والورود: هو العبور على الصراط، وهو جسر منصوب على ظهر جهنم.
عافانا الله منها.
٩٦١
- وعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَتِ امرأَةٌ
إِلي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجالُ بحَدِيثِكَ، فاجْعَلْ لَنَا
مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّه،
قَالَ: «اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا»،
فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ النبيُّ ﷺ فَعَلَّمَهنَّ مِمَّا
علَّمَهُ اللَّه، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ مِن امْرَأَةٍ
تُقَدِّمُ ثَلاثةً منَ الوَلَدِ إِلَّا كانُوا لهَا حِجَابًا منَ النَّار»،
فَقالتِ امْرَأَةٌ: وَاثنينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: «وَاثْنَيْن» متفقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ:
الحمد
لله، وصلَّ الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما
بعد:
فهذه
الأحاديث الثلاثة فيها بيان فضل مَن مات له أفراط واحتسبهم وصبر، وأنَّ ذلك من
أسباب دخوله الجنة، سواء كان رجلًا أو امرأةً، فإذا مات له اثنان أو ثلاثةٌ أو
أكثر قبل بلوغ الحنث -يعني: قبل بلوغ الحُلم- فاحتسب وصبر؛ فإنَّ هذا من أسباب
دخوله الجنة، وتحريمه على النار.
فهذا من الأسباب التي جعلها الله من
أسباب دخول الجنة، والنَّجاة من النار، فالله جعل الطاعات والأعمال الصَّالحات
أسبابًا للجنة، وجعل المعاصي والمُخالفات أسبابًا للنار، فكل عملٍ صالحٍ يفعله
العبدُ يرجو به ما عند الله فهو من أسباب دخول الجنة، وكل معصيةٍ يقترفها العبدُ
فهي من أسباب دخول النار، والأعمال متفاوتة في الخير والشر، ومن ذلك موت الأطفال،
فإذا مات للإنسان أطفالٌ -اثنان فأكثر- قبل الحنث –يعني: قبل البلوغ- واحتسب ذلك
عند ربه وصبر؛ فإنَّ هذا من جملة الأسباب التي يجعلها الله من أسباب دخول الجنة،
وهكذا المرأة، وهذا من فضله سبحانه وإحسانه جل وعلا.
وفيه من الفوائد: أنه ينبغي لأهل العلم
أن يُوجِّهوا النساء كما يُوجِّهون الرجال، وأن يُعلِّموهنَّ، وإذا دعت الحاجةُ
إلى أن يكون لهن يومٌ للتعليم والتَّوجيه فلا بأس، وإلا فمع الناس في الخُطب
وحلقات العلم، يسمعون من وراء الرجال الخطبة يوم الجمعة ويوم العيد، وفي حلقات
العلم والمواعظ، وإذا دعت الحاجةُ إلى التَّخصيص خُصُّوا بموعظةٍ وتذكيرٍ وتعليمٍ.
ولهذا لما قال بعضُ النساء للنبي ﷺ: يا رسول الله، ذهب
الرجالُ بحديثك، فاجعل لنا يومًا منك تُعلِّمنا فيه مما علَّمك الله، فوعدهنَّ
يومًا، وأتاهنَّ وعلَّمهنَّ مما علَّمه الله، ومن جملة ما قال لهن: ما منكنَّ من
أحدٍ –يعني: من هؤلاء النِّسوة وغيرهنَّ- يموت لها ثلاثة أفراطٍ تحتسبهم إلا دخلت
بهم الجنة، قالت امرأةٌ: أو اثنين؟ قال: أو اثنين.
فالمعنى:
أنَّ الحكم عامٌّ للرجال والنساء، أمَّا مَن بلغ الحنث فهذا عمله له، قد كُلِّف،
وقد بلغ، فمَن صبر على المصيبة فله أجر الصبر: على الكبير من أقاربه، من أولاده،
له أجر الصبر والاحتساب، ولكن مَن مات في الطّفولة قبل البلوغ فمن أسباب نجاة
والده وسلامته من النار.
وهذا
مما يُطَمْئِنُ المؤمن ويُصبِّره ويُخفف عليه المصيبة، إذا عرف أنَّ هذه المصيبة
يترتب عليها هذا الخير العظيم. وفَّق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق