أحاديث
رياض الصالحين باب التقوى
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح
حديث / يا رسول الله من أكرم الناس
أحاديث رياض الصالحين
باب التقوى الحديث رقم 70
أحاديث رياض الصالحين
باب التقوى الحديث رقم 70
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله مَنْ أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم) فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله)
قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فعن معادن العرب
تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) متفق عليه.
(وفقهوا) بضم القاف على المشهور، وحكي كسرها. أي:
عَلِموا أحكام الشرع.
الشرح
قوله:
من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم) يعني أن أكرم
الناس أتقاهم لله عز وجل وهذا الجواب مطابق تماما لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ ]الحجرات: 13[، فالله- سبحانه وتعالى- لا ينظر إلى الناس
من حيث النسب، ولا من حيث الحسب، ولا من حيث المال، ولا من حيث الجمال، وإنما ينظر
سبحانه إلى الأعمال، فأكرم الناس عنده أتقاهم له؛ ولهذا يَمُدُّ أهل التقوى بما
يَمُدُّهم به من الكرامات الظاهرة أو الباطنة، لأنهم هم أكرم خلقه عنده، ففي هذا
حث على تقوى الله عز وجل، وأنه كلما كان الإنسان أتقى لله فهو أكرم خلقه عنده،
ولكن الصحابة لا يريدون بهذا السؤال الأكرم عند الله! (قالوا: لسنا عن هذا نسألك) ثم
ذكر لهم أن أكرم الخلق يوسف ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله، فهو يوسف بن
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فإنه_ عليه الصلات والسلام _ كان نبيا من سلالة
الأنبياء، فكان من أكرم الخلق قالوا: لسنا عن هذا نسألك، قال:) فعن
معادن العرب تسألوني؟ (معادن
العرب يعني أصولهم وأنسابهم!) خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقُهُوا (يعني أن أكرم الناس من
حيث النسب والمعادن والأصول، هم الخيار في الجاهلية، لكن بشرط إذا فقهوا.
فمثلا
بنو هاشم من المعروف هم
خيار قريش في الإسلام، لكن بشرط أن يفقهوا في دين الله، وأن يتعلَّموا من دين
الله، فإن لم يكونوا فقهاء فإنهم -وإن كانوا من خيار العرب معدنا-فإنهم ليسوا أكرم
الخلق عند الله، وليسوا خيار الخلق.
ففي
هذا دليل على أن
الإنسان يُشَرَّفُ بنسبه، لكن بشرط أن يكون لديه فقهٌ في دينه، ولا شك أن النسب له
أثر، ولهذا كان بنو هاشم أطيب الناس وأشرفهم نسبا، ومن ثَمَّ كان منهم رسول الله ﷺ الذي هو أشرف الخلق﴿
اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ
﴾] الأنعام: 124[، فلولا أن هذا البطن من بني آدم أشرف
البطون، ما كان فيه النبي ﷺ فلا يبعث الرسول ﷺ إلا في أشرف البطون وأعلى الأنساب، والشاهد من هذا
الحديث قول الرسول ﷺ إن أكرم الخلق أتقاهم لله.
فإذا
كنت تريد أن تكون كريما عند الله وذا منزلة عنده، فعليك بالتقوى، فكلما كان
الإنسان لله أتقى كان عنده أكرم. أسال الله أن يجعلني وإياكم من المتقين.
الحمد لله رب العالمين
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق