لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
أسماء الله الحسنى/ الرحمن
اسم الله (الرحمن)
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى
جنات القربات.
من
أسماء الله الحسنى:(الرحمن):
أيها
الأخوة الأكارم، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم: " الرحمن".
ورود
اسم الرحمن في القرآن الكريم والسنة النبوية:
عدّ
بعض العلماء هذا الاسم اسم الله الأعظم لقوله تعالى:
﴿قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَانَ أَيًّا مَا
تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (110)﴾ (سورة الإسراء (
وقد
قال بعضهم اسم الله الأعظم متعلق بكل مؤمن، فالمؤمن الفقير اسم الله الأعظم
بالنسبة إليه المغني، والمؤمن المريض اسم الله الأعظم بالنسبة إليه الشافي،
والمؤمن الضعيف اسم الله الأعظم بالنسبة إليه القوي، هذا اجتهاد.
أيها الأخوة، اسم الله الرحمن ورد في القرآن والسنة كما في قوله تعالى:
أيها الأخوة، اسم الله الرحمن ورد في القرآن والسنة كما في قوله تعالى:
﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ
الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ (سورة الرحمن)
الترتيب
في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى علم القرآن خلق الإنسان ولا يعقل أن يعلم
الإنسان القرآن قبل أن يخلق، لكن العلماء قالوا: هذا الترتيب ترتيب رتبي، وليس
ترتيباً زمنياً، بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له من منهج يسير عليه، فقدم الله
المنهج على وجود الإنسان لأهميته، وفي قوله تعالى: ﴿قُلْ ادْعُوا
اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَانَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى﴾ (سورة الإسراء الآية: (110
اقتران
اسم الرحمن باسم الرحيم في ستة مواضع:
ورد
هذا الاسم في خمسة وأربعين موضعاً من القرآن الكريم، اقترن في ستة منها باسم
الرحيم، ولم يقترن بغيره في بقية المواضع، قال تعالى:
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ﴾ (سورة الحشر الآية: 22)
وقال
تعالى: ﴿تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَانِ الرَّحِيم﴾) سورة فصلت (
ومما
ورد في السنة المطهرة:
(الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ فَفَرَسٌ لِلرَّحْمَنِ وَفَرَسٌ
لِلْإِنْسَانِ وَفَرَسٌ لِلشَّيْطَانِ، فَأَمَّا فَرَسُ الرَّحْمَنِ فَالَّذِي
يُرْبَطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَعَلَفُهُ وَرَوْثُهُ وَبَوْلُهُ وَذَكَرَ مَا
شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا فَرَسُ الشَّيْطَانِ فَالَّذِي يُقَامَرُ أَوْ يُرَاهَنُ
عَلَيْهِ، وَأَمَّا فَرَسُ الْإِنْسَانِ فَالْفَرَسُ يَرْتَبِطُهَا الْإِنْسَانُ
يَلْتَمِسُ بَطْنَهَا فَهِيَ تَسْتُرُ أي أودعت فيه النطفة في بطنه، أي لقح)
(أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه)
الخيل
ثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر ولرجل وزر: طبعاً حينما قال الله عز وجل:
﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء
وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
(سورة آل عمران الآية: 14(
الخيل
المسومة، تطورت الآن المركبة، السيارة، أي نوع الركوب في وقت نزول الوحي ما كان
هناك إلا الخيل المسومة، أما هي رمز الآن لكل شيء يركبه الإنسان، فالمركبة الحديثة
الآن تأتي في بنود الشهوات تحت بند: ﴿الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ
وَالْحَرْثِ﴾
لكن
هناك حديث آخر يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(الخيل ثلاثة، فهي لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر)
(البخاري ومسلم عن أبي هريرة) أي إنسان يقتني مركبة يستر بها أهله، له أهل ملتزمون
مطبقون لمنهج الله عز وجل فيسترهم بها، ستر، وهناك إنسان يسخر هذه المركبة لخدمة الناس،
أجر، وهناك إنسان يرتكب فيها المعاصي والآثام، وزر، والآن المركبة إما أنها ستر أو
أنها أجر أو أنها وزر.
(أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت له اسماً من اسمي ـ الرحمن
والرحم ـ فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته)
(البيهقي عن عبد الرحمن بن عوف (
)
قل أعوذ بكلمات الله
التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها،
ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق يطرق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن ((رواه أحمد عن عبد الرحمن التميمي)
هذه
نماذج من الآيات والأحاديث التي ورد فيها اسم الرحمن منفرداً أو مقترناً بالرحيم.
الرحمن
في اللغة:
الآن
الرحمن في اللغة، صفة مشبهة وهي أبلغ من الرحيم، الرحمة في حقنا بني البشر رقة في
القلب تقتضي الإحسان إلى المرحوم، وتكون بالمسامحة واللطف أو المعاونة والعطف،
والرحمة تستعدي مرحوماً فهي من صفات الأفعال، هذا في اللغة.
أما إذا قلنا الله جلّ جلاله هو الرحمن، الرحمن اسم يختص بالله عز وجل، ولا يجوز إطلاقه في حق غيره، هذه خصيصة، والرحمن سبحانه هو المتصف بالرحمة العامة الشاملة، حيث الخلق كلهم عباده، يرزقهم، ويهديهم سبلهم، ويمهلهم فيما استخلفهم وخولهم، ويسترعيهم في أرضه، ويستأمنهم في ملكه، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وإن رحمة الله في الدنيا وسعتهم جميعاً، الله يرحم المؤمن وغير المؤمن، أي يطعمهم، ويسقيهم، ويحفظهم، والرحمة تشمل المؤمنين والكافرين، للتقريب أب عنده أولاد واحد منهم بار والآخر عاق لكنه يطعمهم جميعاً، وفي مناسبة العيد يكسوهم جميعاً لكن قلبه مع من ؟ مع الابن البار، أما فعله سواء مع كل أولاده.
أما إذا قلنا الله جلّ جلاله هو الرحمن، الرحمن اسم يختص بالله عز وجل، ولا يجوز إطلاقه في حق غيره، هذه خصيصة، والرحمن سبحانه هو المتصف بالرحمة العامة الشاملة، حيث الخلق كلهم عباده، يرزقهم، ويهديهم سبلهم، ويمهلهم فيما استخلفهم وخولهم، ويسترعيهم في أرضه، ويستأمنهم في ملكه، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وإن رحمة الله في الدنيا وسعتهم جميعاً، الله يرحم المؤمن وغير المؤمن، أي يطعمهم، ويسقيهم، ويحفظهم، والرحمة تشمل المؤمنين والكافرين، للتقريب أب عنده أولاد واحد منهم بار والآخر عاق لكنه يطعمهم جميعاً، وفي مناسبة العيد يكسوهم جميعاً لكن قلبه مع من ؟ مع الابن البار، أما فعله سواء مع كل أولاده.
الله
جلّ جلاله رحيم سبقت رحمته غضبه:
الرحمة
أيها الأخوة، تفتح باب الرجاء والأمل، وتثير ممكنون الفطر، وتبعث على صالح العمل،
وتدفع أبواب الخوف والنقمة، وتشعر الشخص بالمن والأمان، الله رحيم، والله جل جلاله
سبقت رحمته غضبه، ولم يجعل من واسع رحمته إلا جزءاً يسيراً، يعني الله عز وجل يقول:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ (سورة آل عمران الآية: 159 (
رحمة
نكرة، تنكير تقليل، والنبي عليه الصلاة والسلام أرحم الخلق بالخلق، ومع ذلك:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾) سورة آل عمران الآية: 159 (
أما
الله عز وجل: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾) سورة
الكهف الآية: 58 (
إذاً
سبقت رحمته غضبه، ولم يجعل من واسع رحمته إلا جزءاً يسيراً في الدنيا، يتراحم به
الناس ويتعاطفون، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها.
الله
عز وجل أرحم بالعباد من الأم بولدها:
هناك
حيوان اسمه البطريق، طائر يعيش في القطب الجنوبي، يجتمع حوالي عشرة آلاف بطريق في
قارة متجمدة، الرياح الباردة سرعتها مئة كيلو متر في الساعة، والحرارة خمسون تحت
الصفر، يجتمعون هناك في هذا الوقت العصيب الأنثى تلد، تلد بيضة، يضعها الذكر على
قدميه، ويبقى واقفاً لا يتحرك، ولا يأكل، ولا يشرب أربعة أشهر، لأن هذه البيضة لو
وقعت من على رجليه وقعت على الثلج لفسدت لذلك يحافظ عليها ويغطيها بفروه أربعة
أشهر، ولا يأكل شيئاً، ولا يشرب شيئاً، وفي حوصلته كمية غذاء تكفي هذه البيضة
حينما تفقص، فإذا فقصت وضع الكمية من الغذاء في فم البطريق الصغير، إلى أن تأتي
الأم من البحر وتتولى متابعة العناية بهذا البطريق، شيء لا يصدق أن كائناً يرعى
هذه البيضة أربعة أشهر لا يأكل ولا يشرب شيئاً، لذلك سبقت رحمته غضبه ولم يجعل من
واسع رحمته إلا جزءاً يسيراً في الدنيا يتراحم به الناس، ويتعاطفون، حتى ترفع
الدابة حافرها عن والدها خشية أن تصيبه:
(جعل الله الرحمة مئة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً
وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها
عن ولدها خشية أن تصيبه) (البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه)
(قدم
على رسول الله ﷺ بسبي، فإذا امرأة من السبي تبتغي فإذا وجدت صبياً
في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي عليه الصلاة والسلام وقد رآها
وتأثر، قال: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا:
لا والله وهي تقدر على ألا تطرحه، فقال عليه الصلاة والسلام: لله أرحم بعبده من هذه بولدها) (البخاري عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه (
حديث
بليغ، تصور امرأة على التنور كلما وضعت رغيفاً تأخذ ابنها تضمه وتشمه، هل يعقل أن
تطرح هذه المرأة ولدها في التنور؟ الله عز وجل فيما أخبر به النبي عليه الصلاة
والسلام لله أرحم بعبده من هذه بولدها.
الرحمة
التي دلّ عليها اسم الرحمن رحمة عامة بالناس أجمعين:
أيها
الأخوة، الرحمة التي دلّ عليها اسم الرحمن رحمة عامة، تظهر مقتضى الحكمة في أهل
الدنيا، فمن رحمته أن الله عز وجل أنعم علينا لنذكره، ولكن كثيراً منهم جاحدون،
قال تعالى:
﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾
(سورة ال قصص73(
نعمة
الليل والنهار، لا تقدر بثمن، الإنسان إذا لم ينم اضطربت حياته، وجعل الله الليل
سكناً:
﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ
رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾) سورة الفرقان (48
الرحمة
التي دلت عليها هذه الآيات رحمة عامة بالناس أجمعين.
اقتران
اسم الرحمن باستوائه سبحانه على العرش:
هذا
الاسم خصّه وقرنه باستوائه على العرش في جميع المواضع التي وردت في القرآن الكريم،
قال تعالى:
﴿الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾) سورة طه (5
أيها
الأخوة:
(فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة
وفوقه عرش الرحمن) (عن أبي هريرة رضي الله عنه)
عدم
استغناء المؤمن والكافر عن الله عز وجل:
الله
جلّ جلاله فوق الخلائق أجمعين سواء أكانوا مؤمنين أو كافرين، حياتهم قائمة بإذنه،
أرزاقهم مكنونة في غيبه، بقاؤهم رهن مشيئته وأمره، وأنه لا حول ولا قوة لهم إلا
بقوته وحوله، فهو الملك وهو الرحمن الذي استوى على عرشه، ودبر أمر الخلائق في
ملكه، فلا يستغني عنه في الحقيقة مؤمن ولا كافر، قال تعالى:
﴿الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ (سورة ال فرقان59)
هل
سألت خبيراً عن الله عز وجل؟ هل من علم يعلو على أن تعرف الله؟ أن تعرف خالق
السماوات والأرض؟ أن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى؟
﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ (سورة ال فرقان59)
هذا
أمر وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، أمر إلهي:
﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ (سورة
ال فرقان59)
من
عرف قدره وعبوديته وافتقاره ارتقى عند الله عز وجل:
أيها
الأخوة، اسمان مشتقان من الرحمة، الرحمن والرحيم، الرحمة تستدعي مرحوماً، كما أن
العلم يقتضي المعلوم، والرحمة تقتضي المرحوم، ولا مرحوم إلا وهو محتاج، الإله لا
يكون مرحوماً بل هو راحم، أما المخلوق فهو مرحوم لأنه ضعيف، ولأنه عاجز، ولأنه
فقير، ولأن قيامه ليس بذاته، بل قيامه بغيره، إذاً هو مرحوم، يعني العبد عبد،
والرب رب، العبد مرحوم، نحن جميعاً ضعاف وفقراء وجهلاء، بالله نعلم، وبالله نقوى،
وبالله نغتني، فالعبد مفتقر إلى سيده، فكلما عرف الإنسان قدره، وعرف عبوديته، وعرف
افتقاره، ارتقى عند الله، وكلما تأله، وتكبر، واستعلى، واستنكف، سقط من عين الله،
الرب راحم لأنه رب، والعبد مرحوم لأنه ضعيف، وأي إنسان خرج عن دائرة العبودية في
ساعة غفلة ينسى أنه في حاجة ماسة إلى رحمة الله، مرة شخص قال عندما أنشئ سد:
استغنينا به عن رحمة الله. كلام فيه غباء ما بعده غباء، نحن جميعاً في أمس الحاجة
إلى رحمة الله.
أنا أقول لكم المعجزة أن تستيقظ سليماً من أي مرض، الإنسان تركيبه بالغ التعقيد، يعني نقطة دم لا تزيد عن رأس دبوس لو تجمدت في أحد شرايين الدماغ أصيب بالشلل، فقد ذاكرته، فقد سمعه، فقد بصره، شريان القلب التاجي إذا ضاق دخل في متاعب لا تنتهي، شعر بآلام في صدره الذبحة الصدرية، شعر بوهن في قوته، أي الإنسان تحت ألطاف الله، لا يوجد إنسان يقول أنا إلا في غيار، من أنت؟ قل الله، نحن في لطف الله وفي رحمة الله.
أنا أقول لكم المعجزة أن تستيقظ سليماً من أي مرض، الإنسان تركيبه بالغ التعقيد، يعني نقطة دم لا تزيد عن رأس دبوس لو تجمدت في أحد شرايين الدماغ أصيب بالشلل، فقد ذاكرته، فقد سمعه، فقد بصره، شريان القلب التاجي إذا ضاق دخل في متاعب لا تنتهي، شعر بآلام في صدره الذبحة الصدرية، شعر بوهن في قوته، أي الإنسان تحت ألطاف الله، لا يوجد إنسان يقول أنا إلا في غيار، من أنت؟ قل الله، نحن في لطف الله وفي رحمة الله.
إنما
الأعمال بالنيات:
أيها
الأخوة، الشيء الذي تنقضي بسببه حاجة المحتاج من غير قصد ولا إرادة ولا عناية بالمحتاج
هذا الشيء لا يسمى رحيماً، الرحمة مقصودة، أنت حينما ترحم إنساناً تريد أن تنقذه،
تريد أن تسلمه من عطب، تريد أن تحفظه، فإذا أردت ورحمت، فأنت قد اشتققت من اسم
الله الرحمن الرحمة، أما إنسان ما أراد ولا قصد، أنا أقول دائماً لا يسمح الله
لطاغية في الأرض أن يكون طاغية إلا ويوظف طغيانه لخدمة دينه والمؤمنين من دون أن
يشعر، ومن دون أن يريد، وبلا أجر، وبلا ثواب، للتقريب أب منحرف انحرافاً شديداً
عقيدة وسلوكاً، وعنده ابن صالح وهو يعنفه ليلاً نهاراً على صلاحه، وعلى صلاته،
وعلى تدينه، ويتهمه بالتزمت والتخلف والحمق، هذا الابن لو أن الله جعله داعية هل
لأبيه أجر ؟ لا والله ولا شيء لأنه ما أراده هكذا.
الفكرة دقيقة لا تسمى راحماً إلا إذا أردت أن ترحم، فإن لم ترد وجاءت رحمة منك دون أن تقصد للناس، أنت موظف بدائرة وقعت على قرار بعثات، وذهب طالب تعلم علم الغرب، وعاد إلى بلده ليقوي المسلمين، أنت بحكم وظيفتك أرسلت هذه البعثة ليس لك أجر، فإن لم تكن مؤمناً وترد هذا الخير لا أجر لك، لا يسمى الرحيم رحيماً إذا جاءت الرحمة عن غير قصد منه وعن غير إرادة وعن غير نية طيبة، هذا ليس من باب التضييق على الناس ولكن من باب: (إِنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) (أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب)
الفكرة دقيقة لا تسمى راحماً إلا إذا أردت أن ترحم، فإن لم ترد وجاءت رحمة منك دون أن تقصد للناس، أنت موظف بدائرة وقعت على قرار بعثات، وذهب طالب تعلم علم الغرب، وعاد إلى بلده ليقوي المسلمين، أنت بحكم وظيفتك أرسلت هذه البعثة ليس لك أجر، فإن لم تكن مؤمناً وترد هذا الخير لا أجر لك، لا يسمى الرحيم رحيماً إذا جاءت الرحمة عن غير قصد منه وعن غير إرادة وعن غير نية طيبة، هذا ليس من باب التضييق على الناس ولكن من باب: (إِنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) (أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب)
لذلك
ابن عمر رضي الله عنهما يقول:
(من
استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن استجار بالله فأجيروه ومن آتى
إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ((النسائي عن ابن عمر رضي الله عنه)
الذي
أتمنى أن يكون واضحاً الله عز وجل قال:
﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾
(سورة هود (119
من
رحم الناس استحق رحمة الله عز وجل:
دقق
الآن في كلام الله: ﴿إِلَّا مَنْ
رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ (سورة هود (119
خلقهم ليرحمهم، خلقهم ليكرمهم، خلقهم
ليسعدهم، لكن هذا الذي نراه في الأرض من مشكلات بسبب انحرافهم وتقصيرهم وبعدهم عن
الله عز وجل، وأنا ألخص حال المسلمين بكلمتين، هان أمر الله عليهم فهانوا على
الله، يا أيها الأخوة الكرام:
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ (سورة الأعراف 180)
أنت
بإمكانك أن تتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله، اسم الرحمن عند بعض العلماء اسم
الله الأعظم، بإمكانك أن ترحم الناس فتستحق رحمة الله، إن أردتم رحمتي فارحموا
خلقي، الراحمون يرحمهم الله.
أكثر
الصفات الكاملة تنبع من الرحمة:
أيها
الأخوة الكرام، لا يوجد صفة لها شمول كصفة الرحمة، أنت لطيف لأنك رحيم، كريم لأنك
رحيم، منصف لأنك رحيم، أكثر الصفات الكاملة تنبع من الرحمة، لذلك قال تعالى: ﴿فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾)
سورة آل عمران الآية: 159 (
يعني
يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم، فلما كنت
ليناً لهم التفوا حولك، ولو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة، وانعكست القسوة
غلظة، فانفضوا من حولك، هذه الآية يحتاجها كل أب، كل معلم، كل داعية، كل مدير، كل
إنسان له منصب قيادي، تتصل بالله يمتلئ القلب رحمة تنعكس الرحمة ليناً، يلتف من
حولك، فإذا انقطع الإنسان عن الله امتلأ القلب قسوة وانعكست القسوة غلظة فانفضوا
من حولك: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (159)﴾
من
أسماء الله الحسنى:(الرحمن):
أيها
الأخوة الأكارم، الأخوة الكرام لا زلنا في اسم الرحمن.
الرحمة
العامة والرحمة الخاصة:
لابد
من مقدمة كي نفرق بها بين الرحمة الخاصة، والرحمة العامة، يعني عندك ابن في البيت،
هذا الابن أودع الله فيك محبته ابتداءً من دون كسب منك، فأي أب في الأصل، وأي أم
ترحم ابنها، لكن الإنسان لا يرقى بهذه الرحمة الخاصة، لأنها ليست كسبية، بل وهبية،
الإنسان يرقى بالرحمة العامة، أنت حينما ترحم طفلاً ليس ابنك، حينما ترحم موظفاً في
محلك التجاري ليس ابنك، ترقى بالرحمة العامة، وفي بعض الآثار يقول عليه الصلاة
والسلام: ولكنها رحمة عامة.
يعني أنت حينما ترحم زوجة ابنك التي في البيت كما لو أنها ابنتك، وحينما ترحم شاباً في محلك التجاري كما لو أنه ابنك، هنا ترقى عند الله بالرحمة العامة، لا بالرحمة الخاصة، الرحمة الخاصة أودعها الله فينا كي تستمر الحياة، ولولا هذه الرحمة الخاصة التي أودعها الله فينا لأولادنا الحياة تقف، طبعاً هناك دليل رمزي أن أحد الصالحين رأى أماً تقبل ابنها وهي على التنور، فكلما وضعت رغيفاً ضمت ابنها وشمته وقبلته، فتعجب من هذه الرحمة، فالله نزعها، فلما بكى ألقته في التنور، يعني الرحمة الخاصة ليست كسبية، إنما هي وهبية من أجل أن تستمر الحياة، من أجل أن يربي الأب المؤمن، والكافر، والفاسق، والمستقيم ابنه، وأوضح مثل اذهب إلى مستشفى الأطفال الأم المتعلمة تبكي، والجاهلة تبكي، والمحجبة تبكي، والسافرة تبكي، يعني شيء طبيعي، الذي يرقى بنا عند الله الرحمة العامة لا الرحمة الخاصة، هذه واحدة.
يعني أنت حينما ترحم زوجة ابنك التي في البيت كما لو أنها ابنتك، وحينما ترحم شاباً في محلك التجاري كما لو أنه ابنك، هنا ترقى عند الله بالرحمة العامة، لا بالرحمة الخاصة، الرحمة الخاصة أودعها الله فينا كي تستمر الحياة، ولولا هذه الرحمة الخاصة التي أودعها الله فينا لأولادنا الحياة تقف، طبعاً هناك دليل رمزي أن أحد الصالحين رأى أماً تقبل ابنها وهي على التنور، فكلما وضعت رغيفاً ضمت ابنها وشمته وقبلته، فتعجب من هذه الرحمة، فالله نزعها، فلما بكى ألقته في التنور، يعني الرحمة الخاصة ليست كسبية، إنما هي وهبية من أجل أن تستمر الحياة، من أجل أن يربي الأب المؤمن، والكافر، والفاسق، والمستقيم ابنه، وأوضح مثل اذهب إلى مستشفى الأطفال الأم المتعلمة تبكي، والجاهلة تبكي، والمحجبة تبكي، والسافرة تبكي، يعني شيء طبيعي، الذي يرقى بنا عند الله الرحمة العامة لا الرحمة الخاصة، هذه واحدة.
رحمة
الله تقتضي أن يعالج عباده الشاردين ليحملهم على طاعته:
الآن
كلمة الرحمن تعني الإله العظيم الذي يؤدب عباده، يسوقهم إلى بابه، يحملهم على
طاعته، أي هناك رحمة ساذجة، لو فرضنا أماً جاهلة تحب ابنها، والطعام الذي طبخته
رائع جداً، لكنه يؤذي معدة ابنها، ابنها معه التهاب معدي حاد، فالأم الجاهلة تطعمه
هذا الطعام، وتسبب له الأذى دون أن تشعر، لكن الأم الواعية لا يمكن أن تطعم ابنها
هذا الطعام، ولو بكى تمنعه أن يأكل، وفي الظاهر أنها ظالمة له، لأنه وعيها حملها
على أن تمنعه من هذا الطعام. فلذلك الله عز وجل يقول:
﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ
وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (سورة الأنعام (
تقتضي
رحمة الله أن يعالج عباده الشاردين، الله رحمن ومع أنه رحمن يسوق لعباده من
الشدائد ما يحملهم على طاعته:
﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ
وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (سورة الأنعام (
كما
يحمي أحدكم مريضه من الطهي، إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي الراعي
الشفيق غنمه من مراعي الهلكة.
أي
شيء خلقه الله عز وجل هو تكريم للإنسان ينتفع به:
كلمة
رحمن لا تعني حياة مريحة، وصحة، ودخل كبير، ومعاصٍ، وآثام، رحمن طبيب، رحمن يعالج،
الآية واضحة:
﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ
وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (سورة الأنعام (
تقتضي
رحمته الواسعة ألا يرد بأسه عن القوم المجرمين:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾
(سورة آل عمران الآية: 147)
إذن
هو يعذبكم كي تؤمنوا، يعذبكم كي تؤمنوا وتشكروا، فإذا آمنتم وشكرتم حققتم الهدف من
وجودكم، لأن الله سبحانه وتعالى سخر هذا الكون تسخير تعريف وتكريم، فأي شيء خلقه
الله عز وجل يدلك على الله، وأي شيء خلقه الله عز وجل هو تكريم لك تنتفع به، فهناك
هدف نفعي وهناك هدف إرشادي، فالذي عرف الله من خلال هذا الكون حقق الهدف الإرشادي،
والذي انتفع بهذا الذي خلقه الله عز وجل حقق الهدف النوعي.
من
آمن بالله وشكره حقق الهدف من وجوده:
لذلك
أنت حينما تؤمن، وحينما تشكر، حققت الهدف من وجودك حينما تؤمن وحينما تشكر، أي رد
فعل التعريف أن تؤمن، الله عز وجل نصب لك هذا الكون كل شيء في هذا الكون يدل على
الله، نصب لك هذا الكون ليدلك عليه، وأكرمك بهذه النعم كي تشكره، فإذا آمنت، وشكرت
حققت الهدف من وجودك، آية ثالثة سيدنا إبراهيم:
﴿يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ
الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾ (سورة
مريم (45
الله
عز وجل أنعم على الإنسان بنعم ظاهرة وباطنة ليؤمن به ويشكره:
لذلك:
﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾
(سورة لقمان الآية: 20)
هناك
نعم ظاهرة مألوفة، الصحة، والمال، والباطنة المصائب، لأن الله عز وجل عن طريق هذه
المصائب يسوقنا إلى بابه عبّر عن هذا المعنى النبي عليه الصلاة والسلام فقال:(عجب ربنا من
قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل
((رواه أحمد والبخاري وأبو داود عن أبي هريرة)
آية
أخرى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ
فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدًّا﴾ (سورة مريم 75)
وأحياناً
تقتضي حكمة الله عز وجل أن يمده برحمة، بعلم، بحكمة، وآية أخرى:
﴿إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي
شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِي (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)﴾ (سورة يس)
آية
أخرى:
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا
آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ
أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (سورة البقرة (126
من
رحم الناس ارتقى عند الله عز وجل بالرحمة العامة:
الآن
اسم الله الرحمن، يعني الرحمة العامة، يعني الله عز وجل يطعم المؤمن، والكافر،
والملحد، والفاسق، والمنحرف، والمجرم، كلهم يطعمهم، كلهم يستنشقون الهواء، كلهم
يشربون الماء، كلهم يتزوج وينجب أولاداً، هذه الرحمة العامة، الله عز وجل هذا
موضوع ثانٍ، كلفك أن ترحم كل الناس ترقى عند الله بالرحمة العامة، لأنه هو رحم كل
الناس الدليل:
﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ
بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا
مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا﴾ (سورة الكهف
58)
معنى
ذلك رحم كل عباده مؤمنهم وكافرهم، مستقيمهم ومنحرفهم، قال تعالى:
﴿قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ
الرَّحْمَانِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ (سورة الأنبياء 42)
معنى
يكلؤكم أي يحرسكم ويحفظكم، آية ثالثة:
﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾
(سورة القصص 73)
ومن
رحمته أنه يرحم جميع خلقه مؤمنهم، وكافرهم، مستقيمهم، ومنحرفهم، آية رابعة:
﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ
رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا
قُلْ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾
(سورة يونس
(21
الناس
بالقرآن تعني كل الخلق والخطاب لجميع المكلفين.
من
كان مؤمناً بالله مطيعاً له فله معاملة خاصة وسكينة تلقى في قلبه:
إذاً
فهمنا أن الله باسم الرحمن يرحم خلقه رحمة عامة، كالأب تماماً عنده عدد من
الأولاد، أحدهم بار، والآخر عاق، أحدهم لطيف، والآخر قاسٍ في كلامه، يطعمهم
جميعاً، يكسوهم جميعاً، يسكنون في البيت جميعاً، يأخذون المال من بيت أبيهم
جميعاً، يقدم لهم في العيد الحلويات جميعاً، لكن قلبه مع من؟ مع الابن البار، فأن
يتجلى الله عليك شيء وأن يطعمك شيء آخر، يطعم كل خلقه، يسقيهم، يكسوهم، ولكن إذا
كنت معه، إذا كنت مؤمناً به، إذا كنت مطيعاً له، لك معاملة خاصة، لك سكينة تلقى في
قلبك تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها لو ملكت كل شيء.
أفضل
أنواع الدعاء أن تطلب من الله رحمته:
الآن
أيها الأخوة، من أفضل أنواع الدعاء أن تطلب من الله رحمته، لأن الله خلقنا
ليرحمنا، قال تعالى:
﴿إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾) سورة هود
الآية: 119 (
فمريم
بنت عمران دعت باسم الرحمن عندما تمثل لها جبريل بشراً سوياً، وبشرها بعيسى قال
تعالى:
﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ
تَقِيًّا﴾ (سورة مريم 18)
أي
إن كنت تقياً تتقي الله، وتخشى الاستعاذة، وتعظمها، فإني عائذة بالرحمن منك، فجواب
الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله، كما يقول علماء النحو، يعني إن كنت تقياً فأنا
أستعيذ بالله منك، إن كنت تعرف معنى الاستعاذة، ومعنى أن الله موجود، ويجيبني
أستعيذ بالله منك.
من
كان صادقاً لأداء دين عليه الله عز وجل يوفقه في عليائه ليقضي هذا
الدين:
النبي
عليه الصلاة والسلام قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه:
ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دين لأداه الله عنك؟ هذا الدعاء لوفاء الدين، وبالمناسبة ورد في بعض الأحاديث:
ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دين لأداه الله عنك؟ هذا الدعاء لوفاء الدين، وبالمناسبة ورد في بعض الأحاديث:
) من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى
الله عنه، ومن أخذ أَموال الناس يُرِيدُ إِتْلافها أتلفه الله ((أخرجه
البخاري عن أبي هريرة (
فأي
إنسان عليه دين إذا كان صادقاً في أداء الدين، إذا كان يريد أن يؤدي هذا الدين
الله جلّ جلاله في عليائه يوفقه لأداء هذا الدين.
قال: يا معاذ ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دين لأداه الله عنك، قل يا معاذ: (اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. (
هذا دعاء الدين، وفي الآية الكريمة:
قال: يا معاذ ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دين لأداه الله عنك، قل يا معاذ: (اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. (
هذا دعاء الدين، وفي الآية الكريمة:
﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا
وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (سورة البقرة (286
لذلك
يا الله برحمتك نستغيث.
كلمة
رحمة أوسع كلمة فيها عطاء الله عز وجل:
كلمة
رحمة كلمة واسعة جداً، يا ترى الرحمة صحة؟ صحة، زواج ناجح؟ زواج ناجح، أولاد أبرار؟
أولاد أبرار، يا ترى الرحمة كفاية؟ كفاية، مكانة اجتماعية؟ مكانة اجتماعية، راحة نفسية؟
راحة نفسية، سعادة؟ سعادة، رضا؟ رضا، حكمة؟ حكمة، أمن؟ أمن، كلمة رحمة أوسع كلمة
فيها عطاء الله عز وجل بدءاً من صحتك إلى حاجاتك إلى رزقك، وانتهاء بسعادتك في
الدنيا والآخرة.
لذلك من الأفضل أن نسأل الله رحمته:
لذلك من الأفضل أن نسأل الله رحمته:
﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ
مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (سورة البقرة (286
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ
وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)﴾
(سورة الإسراء (
كلمة
يا رب ارحمني، أو يا رب ارحم فلاناً كلمة واسعة جداً، تبدأ من صحتك، إلى زوجة
صالحة، إلى أولاد أبرار، إلى سلامة، إلى راحة نفسية، إلى ثقة بالله، إلى حكمة، إلى
سعادة، إلى رضا، يعني عطاء الله المطلق يسمى رحمة الله فاسأل الله عز وجل أن يرحمك.
الله
عز وجل وسعت رحمته كل شيء:
قال
الله في وصف عباده الموحدين:
﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا
آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي (110)﴾
) سورة المؤمنون (
وفي
آية أخرى: ﴿وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ
خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ (سورة المؤمنون 118)
لذلك
يا رب نستغيثك برحمتك:
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (سورة الأعراف (156
وأنت
شيء.. أنت أيها الإنسان شيء، على كل ما عندك من ذنوب:
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (سورة الأعراف (156
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (سورة الأعراف (156
رحمتي
سبقت غضبي، الذين قالوا: إن اسم الرحمن لعله اسم الله الأعظم ليسوا بعيدين عن هذا
التصور.
المتصل
بالرحيم يمتلئ قلبه رحمة والمنقطع عن الرحيم يمتلئ قلبه قسوة:
وقال
تعالى:
﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ
عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ﴾ (سورة يوسف 64)
لأنه
أعطى الخلق جميعاً رحمة واحدة، عنده التسعة والتسعون، الآن السؤال علاقة المؤمن
بهذا الاسم، علاقته، أولاً ينبغي أن يمتلئ قلب المؤمن بالرحمة، الدليل: ﴿فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾)
سورة آل عمران الآية: 159 (
ينبغي
أن يمتلئ قلبك بالرحمة من خلال اتصالك بالله.. المتصل بالرحيم يوجد بقلبه رحمة،
والمنقطع عن الرحيم بقلبه قسوة، لذلك:
﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (سورة الزمر الآية: 22)
من
صفات المؤمن أن قلبه رحيم، ومن صفات المنقطع عن الله أن قلبه قاسٍ:
﴿كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ (سورة البقرة (74
لذلك
من علامات آخر الزمان أن ينزع الحياء من وجوه النساء، وأن تذهب النخوة من رؤوس
الرجال، وأن تنزع الرحمة من قلوب الأمراء، لا يوجد بالنساء حياء، ولا بالرجال
نخوة، ولا بقلوب الأمراء رحمة، لذلك أنت كمؤمن علاقتك بهذا الاسم أن يمتلئ قلبك
بالرحمة، والحب، والحرص على ما ينفع عموم الخلق.
بطولتك
كمؤمن أن ترحم كل الخلق أما كل الناس يرحمون أولادهم:
مرة
ثانية أخوانا الكرام: لا ترقى عند الله إلا بالرحمة العامة، والله مرة كنت بمحل
تجاري، لكن حالة غريبة جداً، يبيع أقمشة فحمل الموظف في المحل وهو شاب صغير أول
ثوب، الثاني، الثالث، الرابع، قال: لم أعد أتحمل، قال له: أنت شاب، ابنه إلى جانبه
بسن موحد، حمل ثوباً واحداً، قال له: بابا انتبه لظهرك.
لا ترقى عند الله إلا إذا كانت الرحمة عامة، أقول لكم كلمة أرجو أن تعذروني بها إن لم ترحم الخادمة في البيت كما لو أنها ابنتك أنت مقصر جداً في الإيمان، إن لم ترحم زوجة ابنك في البيت كما لو أنها ابنتك أنت عنصري، لذلك ولكنها رحمة عامة، بطولتك كمؤمن أن ترحم كل الخلق، أما كل الناس يرحمون أولادهم.
لا ترقى عند الله إلا إذا كانت الرحمة عامة، أقول لكم كلمة أرجو أن تعذروني بها إن لم ترحم الخادمة في البيت كما لو أنها ابنتك أنت مقصر جداً في الإيمان، إن لم ترحم زوجة ابنك في البيت كما لو أنها ابنتك أنت عنصري، لذلك ولكنها رحمة عامة، بطولتك كمؤمن أن ترحم كل الخلق، أما كل الناس يرحمون أولادهم.
توحيد
العبد لاسم الرحمن في سلوكه يقتضي الرحمة العامة بعباد الله:
توحيد
العبد لهذا الاسم في سلوكه يقتضي الرحمة العامة بعباد الله سواء كانوا مؤمنين أو
كافرين، فالمؤمنون يحبون لهم ما يحبون لأنفسهم، فيوقرون كبيرهم، ويرحمون صغيرهم،
ويجعلون رحمتهم موصولة إليهم، يسعدون بسعادتهم، ويحزنون لحزنهم، أما رحمتهم
بالآخرين فيحصروها على دعوتهم، ويسهمون في إخماد كفرهم، والنار التي تحرقهم،
ويجتهدون في نصحهم، والأخذ على أيديهم، فلذلك ينبغي أن تكون الرحمة عامة، يقول
الله عز وجل:
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ
يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي
لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ
إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29)﴾
(سورة الفرقان)
(الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء) (أبو
داود عن عبد الله بن عمرو (
والله
لا يضيع عند الله شيء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
النبي ﷺ قال وهو على المنبر:
النبي ﷺ قال وهو على المنبر:
)
ارحموا ترحموا، واغفروا
يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول ((أحمد داود عن عبد الله بن عمرو)
كلام
دقيق، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهو يعلمون، من هم الأقماع؟ هم الذين
يسمعون القول ولا يعملون به، شبه النبي أذانهم بالأقماع، القمع تصب فيه السائل لا
يمسكه، القمع ممر، فهناك إنسان آذانه كالقمع يدخل الكلام منها، ويخرج ولا يتأثر.
المقرب
من الله عز وجل من كانت الرحمة في قلبه رحمة عامة:
أيها
الأخوة الكرام:(إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) (مسلم
عن ابن عمر رضي الله عنهما)
هذا
من جهة التسمية، فقد تسمى به كثير من المسلمين، وعلى رأسهم عبد الرحمن بن عوف وهو
من العشرة المبشرين بالجنة هاجر الهجرتين، وشهد بدراً وأحد، والمشاهد كلها مع رسول
الله ﷺ.
إذن البطولة أن ترحم كل الخلق، وأن تكون الرحمة التي أودعها الله في قلبك رحمة كسبية، فضلاً عن الرحمة الوهبية، بالوهبية ترحم أولادك، أما بالكسبية ترحم جميع الخلق، ولن تكون عند الله مقرباً إلا إذا كانت الرحمة التي في قلبك رحمة عامة.
إذن البطولة أن ترحم كل الخلق، وأن تكون الرحمة التي أودعها الله في قلبك رحمة كسبية، فضلاً عن الرحمة الوهبية، بالوهبية ترحم أولادك، أما بالكسبية ترحم جميع الخلق، ولن تكون عند الله مقرباً إلا إذا كانت الرحمة التي في قلبك رحمة عامة.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا
مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق