كتاب
الأذكار: باب فضل الذكر والحث عليه
شرح العلامة
الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح حديث / اللهم لا مانع لما أعطيت
شرح حديث / اللهم لا مانع لما أعطيت
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل الذكر والحث عليه
١٤٢٤ - وعن المغيرة بن شعبة - رضيَ اللهُ عنه - أن
رسولُ اللهِ ﷺ كان إذا فرغ من الصلاة وسلم
قال: «لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له،
له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ
لِما أعْطَيْتَ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ
الجَدُّ» متفق عليه.
الشرح
هذا الحديث في بيان الأذكار المقيدة لأن الأذكار تنقسم
إلى قسمين: مطلقة ومقيدة، منها مقيد بالوضوء، ومنها ما هو مقيد بالصلاة فهذا
الحديث مقيد بالصلاة: حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه.
المغيرة فقد أخبر - رضي الله عنه - أن النبي ﷺ كان يقول إذا سلم من صلاته: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو
على كل شيء قدير» ومعنى لا إله إلا الله يعني: لا معبود حق إلا الله، فلا
معبود في الكائنات يستحق أن يعبد إلا الله - عز وجل - أما الأصنام التي تعبد من
دون الله فليست مستحقة للعبادة حتى وإن سماها عابدوها آلهة فإنها ليست آلهة بل هي
كما قال الله تعالى: {مَا
تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم
مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ} [يوسف:٤٠]، فالمعبود حقا هو الله - عز وجل.
وقوله: «وحده لا شريك له» هذا من باب التأكيد تأكيد وحدانيته - جل
وعلا - وأنه لا مشارك له في ألوهيته: «له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» له الملك المطلق العام الشامل الواسع ملك
السماوات والأرض وما بينهما ملك الآدميين والحيوانات والأشجار والبحار والأنهار
والملائكة والشمس والقمر، كل هذه ملك لله - عز وجل - ما علمنا وما لم نعلم، له
الملك كله يتصرف فيه كما يشاء وعلى ما تقتضيه حكمته - جل وعلا.
«وله الحمد» يعني: الكمال المطلق على كل حال فهو - جل
وعلا - محمود على كل حال في السراء وفي الضراء أما في السراء فيحمد الإنسان ربه
حمد شكر، وأما في الضراء فيحمد الإنسان ربه حمد تفويض لأن الشيء الذي يضر الإنسان
قد لا يتبين له وجه مصلحته فيه، ولكن الله تعالى أعلم، فيحمد الله تعالى، على كل
حال وكان النبي ﷺ إذا أتاه ما يسره قال: «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات» وإذا أتاه ما لا يسره قال: «الحمد لله على كل حال».
وأما ما يقوله
بعض الناس: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فهذه كلمة خاطئة لم ترد
ومعناها غير صحيح وإنما يقال: «الحمد لله على كل حال».
«اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما
منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» هذا أيضا: تفويض إلى الله - عز وجل - بأنه لا مانع لما
أعطى فما أعطاك الله لا أحد يمنعه، وما منعك لا أحد يعطيك إياه، ولهذا قال: ولا
معطي لما منعت، فإذا آمنا بهذا فممن نسأل العطاء من الله إذا آمنا بأنه لا مانع
لما أعطى ولا معطي لما منع إذا لا نسأل العطاء إلا من الله - عز وجل - ونعلم أنه
لو أعطانا فلان شيئا فالذي قدر ذلك هو الله والذي صيره حتى يعطينا هو الله وما هو
إلا مجرد سبب، لكن نحن مأمورون بأن نشكر من صنع إلينا معروفا كما قال النبي ﷺ: «من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا
ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» لكن نعلم أن الذي يسر لنا هذا العطاء وصير
لنا هذا المعطي هو الله - عز وجل.
«اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما
منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد الجد» يعني: الحظ والغنى يعني: الإنسان المحظوظ
الذي له حظ وعنده مال وعنده أولاد وعنده زوجات وعنده كل ما يشتهي من الدنيا فإن
هذا لا ينفعه من الله، لا يمنع ذا الجد منك الجد الجد، فاعل يعني: أن الجد هو الحظ
والغنى ما يمنع من الله - عز وجل - لأن الله تعالى، له ملك السماوات والأرض وكم من
إنسان تراه مسرورا في أهله وعنده المال والبنون وجميع ما يناله من الدنيا، ولا
ينفعه شيء من الله يصاب بمرض ولا يقدر أن يرفعه عنه إلا الله - عز وجل - يصاب به
غم وهم وقلق لا ينفعه إلا الله - عز وجل.
وهذا كله في التفويض إلى الله إذا ينبغي لنا
إذا سلم الإنسان واستغفر ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا
الجلال والإكرام أن يذكر الله تعالى بهذا الذكر.
والترتيب بين الأذكار ليس بواجب، يعني: لو
قدمت بعضها على بعض فلا بأس لكن الأفضل أن تبدأ بالاستغفار ثلاثا، واللهم أنت
السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم تذكر الله تعالى بالأذكار
الواردة.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق