كتاب
الأذكار: باب فضل الذكر والحث عليه
شرح العلامة
الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح
حديث / سبوح قدوس رب الملائكة والروح
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل الذكر والحث عليه
١٤٣٣
- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كَانَ النبي ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا
وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» متفق عليه.
١٤٣٤
- وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله ﷺ
كان يقولُ في ركوعِهِ وسجودِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ،
ربُّ الملائكةِ والروحِ» رواه مسلم.
١٤٣٥
- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ: «فَأَمَّا
الرُّكوعُ فَعَظِّموا فيهِ الرَّبَّ، وأمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعاء
فَقَمِنُّ أنْ يُسْتَجَاب لَكُمْ» رواه مسلم.
الشرح
هذه أذكار في أحوال
معينة فمنها ما نقله المؤلف - رحمه الله - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي ﷺ كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» وهذا بعد
أن أنزل الله عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}
[النصر:١-٣]، وهذه السورة هي أجل، رسول الله ﷺ
فإن الله نعاه إلى نفسه بأنه إذا جاء نصر الله وتم الفتح فقد قرب أجله كما فهم ذلك
ابن عباس - رضي الله عنهما - فإن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان صغير السن وكان
عمر - رضي الله عنه - يحضره مع مجالس الرجال وكبار القوم، فقال بعضهم: لماذا يحضر
عمر ابن عباس ويترك أبناءه فأراد أن يبين لهم - رضي الله عنه - فضل ابن عباس فقال
لهم يوما من الأيام: ما تقولون في قوله تعالى: {إِذَا
جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}،
ما معنى هذه السورة؟ قالوا معناها: أنه إذا جاء الفتح فسبح بحمد ربك واستغفره فقال:
ما تقول يا ابن عباس: قال أقول: هذا أجل رسول الله ﷺ،
أن الله أعطاه علامة وهي: الفتح والنصر إذا جاءت فقد قرب أجله فقال: ما فهمت منها
إلا ما فهمت فالحاصل أن هذه الآية أمر الله نبيه أن يسبح بحمد ربه ويستغفره وكان ﷺ يفعل ذلك يكثر أن يقول في ركوعه وهو كذلك في سجوده:
«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»
ومعنى هذا أنك تثني على الله - عز وجل - بكمال صفاته، وانتفاء صفات النقص عنه
وتسأله المغفرة.
أما حديثها الثاني
فقالت: كان النبي ﷺ يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» يعني: أنت سبوح قدوس
وهذه مبالغة في التنزيه وأنه - جل وعلا - سبوح قدوس رب الملائكة وهم جند الله - عز
وجل - عالم لا نشاهدهم، وأما الروح: فهو جبريل وهو أفضل الملائكة، فينبغي للإنسان
أن يكثر في ركوعه وسجوده من قوله: «سبحانك اللهم ربنا
وبحمدك اللهم اغفر لي» تأسيا برسول الله ﷺ
وأن يقول كذلك في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب
الملائكة والروح».
أما حديث ابن عباس -
رضي الله عنهما – فقال: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في
الدعاء، وهذا طرف من حديث أوله ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما
الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم، أي:
حري أن يستجاب لكم لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، والركوع لا يجوز لأحد
أن يقرأ القرآن وهو راكع ولا يجوز أن يقرأ القرآن وهو ساجد، لكن له أن يدعو
بالدعاء الذي يوافق القرآن مثل أن يقول مثلا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في
أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، لكن أما أن يقرأ القرآن فهذا حرام
عليه أن يقرأ وهو راكع أو يقرأ وهو ساجد، الركوع له التعظيم يعظم ربه سبحان ربي
العظيم، سبحان الملك القدوس وما أشبه ذلك السجود يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحانك
اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويدعو ويكثر من الدعاء فقمن أن يستجاب له أي:
حري أن يستجاب له. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق