إرشاد السّاري شرح صحيح البخاري
إرشاد السّاري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
العِيدَيْنِ، بَابُ: الخُطْبَةِ بَعْدَ العِيدِ.
٩٦٢- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ
طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ.
الشرح:
(باب الخطبة بعد) صلاة (العيد).
هذه الترجمة من جملة التراجم الثلاثة السابقة في الباب المتقدم، ولعله
أعادها لمزيد الاعتناء، وهو مما يرجح رواية أبي ذر، وابن عساكر بسقوطها في الباب
السابق، واقتصارهم على ترجمتين فقط. كما مر.
وبالسند قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل البصري (قال: أخبرنا
ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرني) بالإفراد (الحسن بن مسلم) بضم
الميم وسكون السين وكسر اللام، ابن يناق، بفتح المثناة التحتية وتشديد النون وبعد
الألف قاف (عن طاوس) هو: ابن كيسان (عن ابن عباس) رضي الله عنهما، (قال: شهدت
العيد مع رسول الله ﷺ، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم،
فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة).
هذا صريح فيما ترجم له، وشيخ المؤلّف بصري، والثاني والثالث مَكِّيّان،
والرابع يماني، وفيه التحديث، والإخبار، والعنعنة، والقول. وأخرجه المؤلّف في:
التفسير، ومسلم في الصلاة، وكذا أخرجه أبو داود.
٩٦٣- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا، يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ.
الشرح:
وبه قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي
(قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (قال: حدّثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا،
ابن عمر بن حفص العمري (عن نافع، عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، (قال: كان
رسول الله) ولأبي ذر في رواية، وأبي الوقت، والأصيلي: كان النبي (ﷺ، وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما، يصلون العيدين قبل الخطبة).
٩٦٤- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا،
ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلْنَ
يُلْقِينَ تُلْقِي المَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا.
الشرح:
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بمعجمة، ثم مهملة، البصري (قال:
حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عدي بن ثابت) بالمثلثة، الأنصاري الكوفي (عن سعيد بن
جبير) الأسدي، مولاهم الكوفي، المقتول بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين (عن ابن
عباس) رضي الله عنهما (أن النبي ﷺ، صلّى يوم) عيد (الفطر ركعتين) لا أربعًا.
وما روي عن عليّ أنها تُصلّى في الجامع أربعًا، وفي المصلّى ركعتين، مخالف
لما انعقد عليه الإجماع.
(لم يصلّ قبلها ولا بعدها) تطوعًا. وحكم ذلك يأتي إن شاء الله تعالى (ثم
أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة) لكونه رآهن أكثر أهل النار. (فجعلن يلقين)
الصدقة في ثوب بلال، (تلقي المرأة خرصها) بضم الخاء المعجمة وقد تكسر، أي؛ حلقتها
الصغيرة التي تعلق بالأُذن (و) تلقي (سخابها) بكسر السين المهملة والخاء المعجمة
مخففة وبعد الألف موحدة، خيط من خرز.
وقال البخاري: قلادة من طيب أو مسك أو قرنفل ليس فيه من الجوهر شيء، وسمي
به لصوت خرزه، عند الحركة من السخب، وهو اختلاط الأصوات، ويجوز فيه الصاد.
٩٦٥- حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ،
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا
أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ
سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ
لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، فَقَالَ: «اجْعَلْهُ مَكَانَهُ وَلَنْ تُوفِيَ أَوْ تَجْزِيَ عَنْ
أَحَدٍ بَعْدَكَ».
الشرح:
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال:
حدّثنا زبيد) بضم الزاي وفتح الموحدة مصغرًا، ابن الحرث اليامي، بالمثناة التحتية
(قال: سمعت الشعبي) عامر بن شراحيل (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه (قال، قال
النبي ﷺ) في خطبته بعد أن صلّى العيد:
«إن أول ما نبدأ» به «في يومنا هذا» يوم عيد الأضحى، وكذا عيد الفطر «أن
نصلي» الصلاة التي قدمنا فعلها، فعبر بالمستقبل عن الماضي «ثم نرجع فننحر». نصب
عطفًا على السابق، والتعقيب بثم لا يستلزم عدم تخلّل أمر آخر بين الأمرين «فمن فعل
ذلك» أي: البدء بالصلاة، ثم رجع فنحر «فقد أصاب سنّتنا، ومن نحر قبل الصلاة» إبلاً
أو ذبح غيرها، المشهور أن النحر في الإبل، والذبح في غيرها، وقد يطلق النحر على
الذبح؛ لأن كلاًّ منهما يحصل به إنهار الدم «فإنما هو لحم قدّمه لأهله، ليس من
النسك في شيء» بسكون السين في اليونينية.
(فقال رجل من الأنصار يقال له: أبو بردة) بضم الموحدة وسكون الراء (بن
دينار) بكسر النون وتخفيف المثناة التحتية: (يا رسول الله، ذبحت) شاتي قبل أن آتي
الصلاة (وعندي جذعة) من المعز ذات سنة هي (خير) لسمنها وطيب لحمها وكثرة ثمنها (من
مسنّة) أي: ثنية من المعز ذات سنتين (فقال) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر،
والوقت، والأصيلي قال:
«اجعله مكانه» بتذكير الضميرين مع عودهما لمؤنث، اعتبارًا بالمذبوح «ولن
توفي» بضم المثناة الفوقية وسكون الواو وكسر الفاء مخففة، كذا في اليونينية، وضبطه
البرماوي وغيره؛ توفي، بفتح الواو وتشديد الفاء «أو تجزي» بفتح أوله من غير همز،
شك من الراوي، أي: لن تكفي جذعة «عن أحد بعدك»، خوصية له، لا تكون لغيره، إذ كان
له، عليه الصلاة والسلام، أن يخص من شاء بما شاء من الأحكام.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق